سر جمال اللغة العربية هو الخط العربي فهو بمثابة السحر الجذاب ويمثل لوحة فريدة مبدعة لا تستطيع رفع نظرك عنها هي مخطوطة عربية يمتزج فيها سحر الحروف مع فنيّة الصورة، ويبقى السؤال يراود أذهاننا كيف يمكن للغة كاللغة العربية أن تسلب العقول بسحر الخط العربي وجماله؟
إن من أجمل خطوط العالم هو خط اللغة العربية وعندما نبحث عن السبب فإنهُ يكفي أن نُلقي نظرة على مخطوطة لخطاط عربي لنرى مدى بساطة تلك الحروف ومرونتها في التشكيل وكأنها لوحة فنية مبدعة، لذا لنتعرف على أبرز إبداعات اللغة العربية ألا وهو الخط العربي.
قالها غوته منبهراً بهذا الإبداع للغة العربية واصفاً:
" لم يحدث في أي لُغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حَدث في اللغة العربية وإنهُ تناسق غريب في ظلِ جسد واحد".
وقبل أن نخوض في جماليات الخط العربي سويةً لا بد أن نُلقي نظرة على تاريخ هذا الخط العربي المتداخل ومراحل نشأته وأصلهُ وأنواعه قبل بيان جمالياته فهو بمثابة جوهرة اللغة العربية.
نشأة وتطور الخط العربي:
عرّف ابن خلدون الخط العربي أنهُ: صناعة شريفة تُميز الإنسان ويؤدى به الغرض أما عن بدايتهِ فالخط العربي انتشر في عصر صدر الإسلام وقد تنافس الكُتّاب في تجويد الخط وتمركز في المدن الأساسية حينذاك وقد سُمي كل خط باسم المدينة مثل: الكوفي والمدني والبصري وغيره، واللغة العربية لم تكن يوماً ما جامدة إنما تطورت وازدادت جمالاً وكذلك الخط العربي كونه يعدُ أحد فنونها فقد بدأ الابتكار فيه واستمر التطور في مناحي عدة في الخط العربي ففي العصر الأموي أصبح هناك مهنة الخطاط وتشّرَف الخط العربي بتزيينه للمساجد واشتهر عدة خطاطين بالنهوض بالخط كحركة فنية.
ومن ناحية أخرى فالعصر العباسي شَهِد ابتكار خط الثلث ثم الخط المدور الكبير، أما عن الأندلس والتي أصبحت فيها اللغة العربية لغة العلوم ولغة العصر والإقبال على اللغة العربية بشغف وحرص على أنها لغة الثقافة العالمية ، وكان الحرف العربي مثالاً على النهضة ولا زال الخط العربي يروي قصة الإبداع الإسلامي الذي خَطَهُ الخطاطون المسلمون في الأندلس.
وحتى لا نُطيل عزيزي القارئ نوجز أن اللغة العربية إلى يومنا هذا لا زالت مستمرة في إبراز معالم الجمال في الخط العربي.
بعض أنواع الخط العربي:
الخط الكوفي: يُمثل مظهراً من مظاهر جمال الفنون العربية وهو أقدم الخطوط في البلدان العربية وقد لاقى اهتماماً وفيراً وأظهر المؤرخين أنهُ استعمل منذ القرون الأولى وقد وصل في العصر العباسي لمكانة عالية وأدخلوا عليه الزخارف ليزداد جمالاً، وكما أسلفنا أن تسميته بهذا الاسم جاءت لأن العرب ألفوا تسمية الخطوط باسم المدن التي جاءت منها.
خط النسخ: يعود ابتكاره للعصر العباسي إلا أن ابن مقلة أدخل عليه تحسيناته ويُشتق من خط الثلث إلا أنه أكثر قاعدية وأقل صعوبة وفي وقتنا الحالي فإنهُ يمثل الخط الأكثر استخداماً خاصةً في دور النشر وبرامج الكتابة الرقمية.
خط الرقعة: ابتكره الخطاط ممتاز بك ويعد الخط العربي الأحدث في الوقت الحالي وامتاز بسهولة كتابته واستقامته وقِصر حروفه لذا يستهلك مساحة قصيرة وهو خط عملي لذا يكثر استعماله في اللافتات والعناوين وغيره.
خط الثلث: هو أصل كافة الخطوط العربية وينبغي على كل خطاط ناجح أن يتقنه ، وهو في نفس الوقت أصعب أنواع الخطوط العربية سواء في التعلم أو الكتابة ؛ ولكنه من ناحية أخرى يتسم بالشكل الجمالي المميز ، وقد تم استخدام خط الثلث بشكل كبير في تزيين المساجد وكتابة العناوين الرئيسية في الكتب وفي القباب أيضًا وغيرها
الخط الديواني: يعود أصل منشأ وابتكار الخط الديواني إلى العثمانيين وقد أخذ هذا الاسم نظرًا إلى استخدامه في كتابة النصوص والمنشورات وأوراق العمل داخل دواوين الحكومة ، ويتميز الخط الديواني بالسهولة ويعطي الخطاط فرصة لإظهار مواهبه والإبداع فيه
لا نستطيع حصر كل أنواع الخط العربي فاللغة العربية تتميز بالتجديد والابتكار والتطوير على مر العصور ولكننا نستطيع أن ندرك مدى جمال الخط العربي فهو مزيج ساحر بين الجمال والروعة والحكمة، واليوم يحتل الصدارة في الفنون العربية الإسلامية إذ أبدع الفنانون اليوم في الرسم بالخط ومزج الآيات القرآنية والأحاديث والأشعار بصورة فنية ساحرة ومميزة.
في الختام فإن الخط العربي ركيزة من ركائز اللغة العربية والتي تُشكل هويتنا الثقافية والإسلامية والتي يجبُ علينا أن نحرص لتوريثها للأبناء والأحفاد.